بقلم د / أحمد أبو القاسم
لم تكن تغريدة (أيلون ماسك )الشهيرة عن بناء الأهرام علي يد كائنات فضائية والتي ردت عليها آنذاك وزيرة السياحة السابقة ووزيرة التعاون الدولي المتألقة (رانيا المشاط )وقتها بذكاء شديد ودعت صاحب التغريدة "الساخرة " علي حد وصف الكثيرين ، إلي زيارة مصر والتأكد من ذلك بنفسه مستغلةً بذلك الزخم الإعلامي للتغريدة في أعادة طرح مصر كبيئة سياحية متفردة ؛ وهو ما عانينا منه طيلة العقود السابقة .
لم تكن التغريدة الا طلقة كاشفة_بالنسبة لي لا اعتبرها مزحة حسنة النية _ لسياسات اعتادت عليها اللوبيهات الصهيونية طيلة القرن الماضي والحاضر من خلال ادعاءات توراتية بأن بناة الاهرام هم من بني اسرائيل المستعبدين من فرعون _مع كذب ذلك منطقيا لاختلاف الأسرات الفرعونية طبقا لتقسيمها الشهير بين عهد خوفو ورمسيس الثاني المدعي عليه بكونه فرعون موسي مع عدم قناعة كاتب المقال بذلك _ وتارة من خلال الترويج الامريكي بانها نسخة لقارة أطلانطا الغارقة ..
وغيرها من الترهات التي يدرك اَي باحث او حتي قارئ في تاريخ الحضارة المصرية القديمة كذب فحواها ..
الا انه ومع اتساع رقعة التطبيع العربي الاسرائيلي بدأت محاولات من جيران وأشقاء عرب لادعاءات اخري بان اصل الحضارة ليس مصريا عريقا !!
كل هذا وغيره كان يستدعي من مكاتبنا الثقافية بالخارج وهيئة الاستعلامات القيام بدورها في اعادة. تأصيل وتعزيز ذلك امام العالم بل واستغلاله كما فعلت "رانيا المشاط " في اعادة الزخم السياحي لعواصم مصر القديمة كالاقصر وأسوان والجيزة .
حسنا فعل نائب الاقصر المخضرم "بهاء الدين ابو الحمد " حينما واجه وزير الاعلام "أسامة هيكل " علي مرأي ومسمع من جموع الشعب المصري في اثناء مناقشة اداء الحكومة امام البرلمان الجديد ، بذلك بل وطلب تخصيص قناة فضائية متخصصة في تنشيط السياحة الثقافية الأثرية ..
بهاء الذي أعلنت دعمه مسبقا عبر صفحتي ، استطاع ان يخترق الصمت الرسمي المصري المصحوب بالكسل والترهل التنفيذي ، ويتحدث عن محاولات "صهينة الحضارة المصرية القديمة " وهو ما أحسبه شجاعة من رجل قد توجه له تهمة "معاداة السامية " بل وترفع عليه مئات القضايا والتعويضات _مستغلين ما ذكره في البرلمان_ في وقت أصبحت التهمة في الغرب ذريعة التخلص من كل معارضي التطبيع ، وأكثر غلظة من ازدراء الأديان .
يستطيع ابن الاقصر الذي يمارس السياسية باحترافية شعبية ، لم تبني علي دراسة وإنما ممارسة عريضة في اروقة المحليات ان يدشن تيارا وطنيا سياسيا من خلال المتخصصين والمثقفين ، للدفاع عن حضارته التي يمثلها باعتباره نائب مدينة اطلق عليها "أم مصر وبالتالي أم الدنيا " والقريب من بسطاء اَهلها ومعايشا لمعاناتهم ، وتكون وظيفة ذاك التيار اعادة تأصيل الهوية المصرية من كافة روافدها القديمة والرومانية اليونانية والقبطية والإسلامية العربية ، وإعادة التوجه السياحي الثقافي مرة ثانية لمصر ...
ولعله من خلال تحركه البرلماني الذي اعرفه وراهنت عليه يستطيع ان يشكل حائط صد ثقافي ، يقاوم بالقوة الناعمة محاولات عثمانية اخترقت بيوتنا خلال الانتكاسة الماضية لتصنع من "ارطغرل " وغيره ابطالا قوميين لكثير من شباب اكبر وأقدم بلد عربي في التاريخ ، متناسية بذلك كل محاولات اردوغان وسلفه وآبائهم الروحيين من طمس الهوية المصرية عبر قرون .
الثقافة المصرية خط دفاع امن قومي امام الغزو الثقافي الذي بالفعل كما ذكر "ابو الحمد " أصبح اهم حروب العصر الحديث .
تحياتي لنائب واع ٍ لمشكلات بلده ودائرته ، لم يخيب ظن الكثيرين علي رأسهم كاتب السطور ، وادعوه بالفعل في تدشين تيارا محافظا علي الهوية المصرية و داعما لعودة السياحة لمصر بالتبعية ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق