بقلم الأستاذ الدكتور عادل خلف عبدالعزيز القليعي أستاذ الفلسفة الإسلامية ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان.
منذ أن خلق الله تعالي الإنسان حباه بنعمتين عظيمتين هما/نعمة العقل، ونعمة الإرادة، فبهاتين النعمتين إذا ما تم توظيفهما التوظيف الصحيح من الممكن أن تستقيم حياته ويحيي حياة سعيدة.
الإنسان يشارك النبات في التغذي والنمو، ويشارك الحيوان في ذلك أيضا مضافا إليه الإحساس.
لكنه يفارق الجميع في التعقل والإدراك، وكذلك في الإرادة وحرية ممارسة الفعل، فمن خلالها يختار ويميز بين ما يقدم عليه من أفعال،يفعله أو لا يفعل، ليس مجبرا علي ذلك، مع تحمل مسؤولية اختياره.
ضرورة ملحة أن نفرق بين المعرفة والعلم.
الإنسان مجبول بفطرته علي المعرفة،طرح التساؤل ومحاولة معرفة الإجابة عليه، فضوليا يحب أن يعرف، لماذا خلقه الله، وما قيمة حياته، وإلي أين سيكون مآله ومصيره.
تساؤلات ميتافيزيقية، ولكن يثيرها الكبير، والصغير،الطفل،والشيخ الهرم.
فالمعرفة فطرية.
أما التعلم،فهو بالاكتساب بمعني أن الإنسان يقدم علي دراسة وتلقي العلوم سواء كانت هذه العلوم إنسانية ومنها الفلسفة والآداب واللغات والترجمات
او علوم طبيعية كالفلك،الفيزياء،الكيمياء،الطب،الصيدلة،الهندسة،فهذه العلوم يسعي الإنسان الي تحصيلها ليحفظ بها مقومات حياته.
أو علوم روحانية،علوم الباطن التي لايمكن أن توضع في الكتب وانما تودع في خزانات القلوب التي هبهت عليها هبات صفائية روحانية.
وهذه العلوم، وهبية لدنية من عند الله عن طريق الاصطفاء والجود ولاتتأتي بالكسب والاجتهاد فكثير سلك الطريق واخفق.
إذن نحن الآن أمام ثلاثة أصناف من العلوم،العلوم الإنسانية،العلوم الطبيعية، العلوم الروحانية.
السؤال هل من الممكن أن تجتمع هذه العلوم في إنسان بعينه؟!
هذا السؤال يقودنا إلي الحديث عن معاني المعرفة.
البحث في نظرية المعرفة حديث نسبيا،صحيح أن الفلسفة والفلاسفة دأبهم وديدنهم البحث الجاد من أجل الوصول إلي إدراك كنه وحقائق الأشياء.
وارتبط البحث المعرفي مع البحث الانطولوجي،والبحث الميتافيزيقي وكذلك البحث الطبيعي بما يمكن تسميته_ان جاز لي_البحث الجمعي، بمعني الفيلسوف لايحتقر شيئا مهما بلغ من ضآلة الشأن مبلغ الطين والشعر.
فلا يمكن بحال من الأحوال أن تستقيم معرفة حقيقية وليست معرفة ظنية وهمية، الا إذا كان هناك ذات مدركة وموضوع محل الإدراك.
ومن هذا المنطلق نقول إن ثم معنيان للمعرفة: أولهما:المعني الضيق للمعرفة فيراد به البحث في طبيعة المعرفة ،مصادر المعرفة،امكانية قيام معرفة،شروطها،حدودها،ماهيتها، وهذا هو المعني التخصصي أو ما يطلق عليه الباحثون في الحقل الفلسفي،يطلقون عليه مبحث المعرفة.
أما المعني الواسع الشمولي فإنه يشمل كل مايمكن للإنسان بحثه ودراسته،فيشمل كل البحوث المهمة التي تتعلق بدراسة بظاهرة المعرفة،مثل دراسة المنطق (الحق)،الخير ،الشر(الأخلاق)،مقاييس ومعايير ووضع تعريفا لعلم الجمال (الجمال).
علم النفس ودراسة سيكولوجيا الإنسان، علم الإجتماع، علم وظائف الأعضاء،والتاريخ والبحوث الميتافيزيقية.
هل يمكن قيام معرفة؟!
ثمة اتجاهان: أولهما إتجاه أنكر قيام المعرفة وهؤلاء هم الشكاك من السوفسطائيين،الذين أنكروا قيامها علي الإطلاق وأنه لايوجد شيئ مطلقا.
وهناك أنصار مذهب اليقين الذين يقولون بإمكان قيام المعرفة، وأن الإنسان لديه القدرة علي الوصول إلي معارف يقينية.
وإذا كان ذلك كذلك أي أثبتنا قيامها اوحتي مناقشة إمكانية قيامها،
فما هي طبيعتها،وما موقف أنصار المذهب الواقعي،والمذهبالمثالي من هذه الإشكالية.
ثم ما مصادرها،هل نعتمد العقل طريقا للمعرفة.
هل نعتمد الحواس.
هل نعتمد الحدس
هل نجمع بين هذه الثلاثة، الحواس، الحدس، العقل.
ما موقفنا الواجب من هذه الإشكالية.
هذا ما سنتعرف عليه في الجزء الثاني من هذا المقال.
قرأت الموضوع جيدا وانتظر الجزاء الثاني ان شاء الله سلمت حروفك وقلمك دكتور /عادل خلف منحك الله الصحة والعافية والسعادة
ردحذف